مقالات

هل يتنبّه الجمهور العربي إلى المخاطر البيئية العالمية؟ ظاهرة دانا مثالاً

لايوجد تعليقات

الكارثة الأخيرة التي سببها ما يُعرف بظاهرة دَانا في إسبانيا – وهي ظاهرة مناخية فريدة أدت إلى فيضانات قاتلة – تُعد تذكيرًا مهمًا للعالم العربي بضرورة فهم الآثار العالمية لتغير المناخ والمخاطر التي تهدد منطقة البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك الدول العربية المطلة عليه. إن إدراك أهمية هذه المخاطر واتخاذ خطوات للتصدي لها هو أمر حيوي لضمان سلامتنا البيئية.

ما هي ظاهرة دَانا؟

تُعرف دَانا، اختصارًا لعبارة “Depresión Aislada en Niveles Altos” بالإسبانية، بأنها ظاهرة مناخية تتشكل فوق البحر المتوسط. تحدث هذه الظاهرة عندما تُحاصر كتلة من الهواء البارد فوق منطقة معينة، مما يسمح للهواء الدافئ القادم من البحر المتوسط بالصعود بسرعة، ما يؤدي إلى عواصف رعدية شديدة وأمطار غزيرة. ومع تسجيل درجات حرارة قياسية لسطح البحر المتوسط، تزداد شدة هذه العواصف، ما يسبب فيضانات كارثية كما حدث مؤخرًا في فالنسيا، إسبانيا.

في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، شهدت إسبانيا مناطق هطلت فيها كميات من الأمطار تساوي ما تتلقاه عادةً في عام كامل، وذلك في غضون ساعات قليلة، ما أدى إلى فيضانات واسعة النطاق، وتدمير البنية التحتية، وفقدان الأرواح. ويتفق الباحثون وعلماء الأرصاد على أن هذا الحدث كان من أشد ظواهر دَانا في القرن الحادي والعشرين، ويربط الكثيرون شدته بتغير المناخ.

تغير المناخ ومنطقة البحر المتوسط

تعد منطقة البحر المتوسط، التي تشترك فيها الدول العربية والأوروبية، عرضة بشكل خاص لتغير المناخ. فقد ارتفع متوسط درجة حرارة البحر بشكل كبير، مما يخلق ظروفًا تغذي العواصف القوية مثل دَانا. منذ ثمانينيات القرن الماضي، ارتفعت درجات حرارة البحر المتوسط بمقدار 1.5 درجة مئوية، وهو تقريبًا ضعف ارتفاع درجة حرارة الهواء في المنطقة. وقد تسارعت هذه الزيادة منذ عام 2020، حيث أصبحت درجات الحرارة القياسية أمرًا شائعًا.

يزيد هذا الاحترار من خطر وقوع أحداث مناخية شديدة مثل دَانا، ويؤدي إلى تفاقم تهديدات أخرى، مثل الجفاف وحرائق الغابات. وتواجه الدول العربية المطلة على البحر المتوسط، مثل لبنان وسوريا وتونس، تهديدات بيئية مشابهة، وقد تتعرض لظواهر مماثلة في المستقبل.

دور الصحافة المحلية في زيادة الوعي

مع تزايد حدة الكوارث المرتبطة بالمناخ، يصبح دور الصحافة المحلية في الدول العربية أمرًا بالغ الأهمية. من خلال توعية الجمهور بالمخاطر البيئية العالمية، يمكن لوسائل الإعلام المحلية تعزيز الوعي وتشجيع الإجراءات الوقائية. وفهم أن ظواهر مثل دَانا في إسبانيا قد يكون لها تداعيات إقليمية يساعد المجتمعات على الاستعداد لمثل هذه التحديات.

ومع ذلك، غالبًا ما تكون تغطية الصحافة المحلية العربية للأحداث المناخية قصيرة، حيث تركز على التأثيرات المباشرة دون معالجة الأسباب العميقة أو الروابط العالمية. بالمقابل، تقدم وسائل الإعلام البيئية المتخصصة تقارير أكثر تفصيلًا تستعرض الروابط بين تغير المناخ وأحداث مثل دَانا، مع التأكيد على ضرورة تبني استراتيجيات للتخفيف من المخاطر واستعداد المجتمعات للتكيف.

يمكن للصحفيين المحليين توسيع تغطيتهم من خلال التعاون مع العلماء والخبراء البيئيين لتقديم معلومات عن المناخ بطريقة تناسب جماهيرهم. على سبيل المثال، يمكنهم تسليط الضوء على كيفية تأثير احترار البحر المتوسط على احتمالية وقوع أحداث مناخية شديدة، ما يؤثر على الزراعة والموارد المائية والحياة اليومية في المنطقة. إن تعزيز تغطية الظواهر العالمية مثل دَانا وارتباطها بتغير المناخ سيعزز من قدرة الجمهور على التعامل مع القضايا البيئية بجدية أكبر.

الدروس المستفادة من الأحداث العالمية

تؤكد النتائج المأساوية لظاهرة دَانا على أهمية أنظمة الإنذار المبكر، والاستعداد، والتواصل الفعّال في منع فقدان الأرواح وتقليل الأضرار. ويشدد الخبراء على أن تحسين التنسيق بين الهيئات الحكومية والمجتمعات ضروري لحماية الأرواح والبنية التحتية من الأحداث المناخية المستقبلية. وتسلط تجربة إسبانيا مع دَانا الضوء على أن الأحداث المناخية الشديدة المرتبطة بتغير المناخ تتطلب اتخاذ إجراءات تكيفية عاجلة.

في المنطقة العربية، يمكن اتخاذ خطوات مماثلة لحماية المجتمعات من التهديدات المتزايدة المرتبطة بتغير المناخ. يشمل ذلك إنشاء شبكات اتصال قوية للتحذيرات المبكرة، وإقامة دفاعات ضد الفيضانات، والترويج لسياسات تهدف إلى تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

الخلاصة

تُعد دَانا تذكيرًا بأن تغير المناخ هو أزمة عالمية ذات تأثيرات إقليمية. وبالنسبة للمنطقة العربية، فإن الاهتمام بمثل هذه الظواهر البيئية العالمية ليس فقط مسألة إخبارية، بل ضرورة حتمية. من خلال تنبيه الجمهور إلى المخاطر المرتبطة بتغير المناخ والحاجة الملحة لاتخاذ تدابير تكيفية، يمكن لوسائل الإعلام المحلية تعزيز ثقافة المسؤولية البيئية والاستعداد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

This field is required.

This field is required.